Press "Enter" to skip to content

رسالة الى صديق في ديار الغربة

بقلم عباس احمد

يا من غادرنا جسدك وانت حاضر في سويداء قلوبنا فانت وان غادرت المكـان او الاشخاص لكن فـِى قلوبنا حَديث لك، فكل الاحاديث المحزنة والذكريات المؤلمة في صدورنا قد تخنقنا يوماً ما.

افتقدناك كثيرا واحببناك واحببنا رفقتكم ودائماً بالحب تشعر بمن لا يشعر بك ويشعر بك من لا تشعر به كلاهما متناقضان كأرجوحة بين السعادة والتعاسة يصدك الحبيب ويتقرب منك من لا تكترث له، كمتاهة في الضياع كنفق لا نهايه له، كالغوص في بحر من الألم والندم.

وستمر بك ليال تقول فيها لنفسك، غدًا ستنتهي هذه الفترة الصعبة، وستكررها كل يوم حتى تكتشف انك تجاوزت فترات مختلفة من التعب دون أن تستريح.

يا من تعيش في غربة الوطن والاهل كلما هربت من مشكلة وصعب عليك النسيان تعثرت بـاخرى، حتى نسيت أي فترة كنت تقصدها وكنت تقول انها ستنتهي قريبا واكتشفت إن الشيء الوحيد الذي انتهى هو طاقتك وأيامك، فبعض الرسائل تكفينا وتمنحنا الامل حتى وإن كانت رسائل فارغة،فنفرح كأنهم يقولون لنا نحن نذكرك، فيا عزيزي في ديار الغربة اننا في الصداقة وﺍﻟﺤُﺐ ﻧﻤﺘَﻠﻚ ﭐﺭﻭَﺍﺣﺎً ﭐﺧﺮَﻯ ﻧَﻬﺘﻢُ ﺑﻬَﺎ ﭐﻛﺜَﺮ ﻣِﻦ ﭐﺭﻭَﺍﺣﻨﺎ.

نحاول ان نعتذر لكم فالإعتذار لا يعني إننا على خطأ ولكنه يعني بأننا تقدِّر علاقة الصداقة والود التي تجمعنا بكم، فانت إذا ضربت انسانا ضربة ولو خفيفة فقد توجعه للحظة او لحظات ولكن إذا اوجعته بكلمة فقد توجعه العمر كله، لذا يا عزيزي لا تستبدلَ الطيبة التي في قلبك بالحزن او الحقد لمجرد أن العالم مكانٌ قاسٍ فالعالم قاسٍ فقط لأنه بحاجة إلى المزيد من ذوي القلوب الطيبة من امثالنا ومن امثالكم.

لذا فلنقل لمن يحاول التكبر علينا ونسياننا وفراقنا، تستطيع التكبر كما تشاء لكن إحذر التكبر علي فأنا اعرف تاريخك وتاريخكم جيداً، فأحياناً تخدعنا قلوبنا فنبني من أحلامنا مدينةً جميلة وبعد أن يمضي بنا العمر نكتشفُ ان مدينة أحلامنا لم تكن سوى كتلة من وهم، رغم اننا كنا نحبه ونحن عليهِ كالضلوعِ التي قد انحنتْ خوفاً على القلبِ.

متى ستعود ايها المغترب في ارض الله، تحيات نرسلها وسلام نبعثه من اثار الذكريات، وسلام على الطمأنينة التي تسبق حضورك، على السكينة التي تبعثها في الأرجاء بقدومك، على السلام الذي يشع نوره من الأيام والليالي التي عشناها معك، وعلى البهجة الخفيّة التي تسكن تفاصيلك، على الجمال الروحاني الذي يفيض منك، على ظمأ النفوس للارتواء من عبق الايام التي عشناها سوية.

وانا ها هنا اتذكر ايامي معك ومعهم وانت تعرفهم جيدا فانا ابحث عن غـواص محترف يجمع ما عملته من خير للبعض ومن ثم يرميه في البحر، لان كل السهام التي أصابت قلبي قبل عقلي انطلقت من مسافة قريبة مني، ومن ثم اقول ماذا لو ان الشخص الذي تركته ينام حزيناً واكلت حقه لا يعرف طريقاً لاسترداد حقه سوى ان يرفع يديه للسماء ويشتكيك الى قاضي القضاة.

عند ذاك يتوقف زحف الظلام، وينجلي القلق، وتتبخر الأحلام المزعجة ويشرق صباح اللقاء من جديد وكأنه يسالك، أين ذهبت كل مخاوفك يا حزين؟، وغالبك الظن أن العتمة لن تنتهي وبإشارة من الرحمن ينبجس الصبح ناشرا الضياء ومبدداً كل ظنونك فالحمد لله دائماً وأبدا.

يا عزيزي لقد اعتدنا الإنتظار، حتى نسينا ماذا ننتظر، واعتدنا الالم حتى نسينا ما يؤلمنا فلولا استقرار الخيط في داخل الشمعة لما استطاع احراقها، كذلك نحن لا يحرقنا إلا من تسلل إلى اعماق اعماقنا، فانا لا اتالم لمن تغيّروا علي، فقد تغيّروا لأنني أشبعتَهم معزّة واهتماما حتى اكتفوا، وحين يبكي الإنسان فانه لا يبكي للسبب الذي تسبب في بكائه فقط إنما لكل الأشياء التي لم يبكها من قبل في وقتها.

نعم هو يظُن انه يعاقبني بعدم الاِهتمام وأنا لا أرى سوى أنهُ سيقدم ليّ النسيان بلا مَشقة

من المؤسف حقاً أن تبحث عن الصدق في هذا العصر وتبحث عن الوفاء في قلوب باردة، ومن المؤسف أنه لم يعد هناك أحداً نذهب إليه عندما لا نعرف إلى أين نذهب، فكل شيء يمكن إخفاؤه، إلا ملامح العين حين تحن، وحين تحب، وحين تحزن، وحين تفتقد شخصاً عزيزا يسكن القلب، ارجوك لا تجادلني في شخص تراه بعينك واراه بقلبي فالقلوب لا تبصر العيوب ابدا.

‏الا تتذكر حينما علمونا ونحن صغار، ان طائر البوم شؤم، وان الغراب يأتي بالخراب، وعلمونا ان الثعلب ماكر وان الذئب غدار، وان الجمل يحمل الحقد في قلبه، فقدعلمونا أشياء عن الحيوانات، لكننا لم نجدها في الحيوانات، وحين كبرنا وجدناها فقط في البشر.

فلا تتعحب يا عزيزي ولَا تُفَرِّط فِي قلبٍ أحبَّك، لأنَّ القلوب أفلسَت وأصبحَ مِنَ الصَّعبِ أن تجدَ قلباً يَمنحُكَ الحُبَّ أو السَّعادة والوفاء، فقليلةٌ تلكَ القلوبِ التي تُعطِي بِلا مُقَابِل.

ايها المغترب الحاضر داخل روحي وعقلي، عندما أحادثك يصبح للنبض معنى اخر، حتى لو كانت بيننا قارة تفصلنا، فصعوبة شرح الشعور، كفيلة بأن تجعلك صامتا طوال الوقت.

يا ايها الصديق الغالي

صعوبة شرح الشعور، كفيلة بأن تجعلك صامتا طوال الوقت

وعندما أحادثك يصبح للنبض معنى اخر

حتى لو كان بيننا قارة تفصلنا

ولأن روحك قريبة من روحي

أنا أعلم علم اليقين

أن كل ماتفكر فيه يمر من ذهني

رجاء لا تُبال بعتمة أيامك

فـسوف تشرق روحك مُجدداً كما يشرق الصباح بعد الظلام

يمـر علينـا الـوقت نشعـر بـلا شـئ

لا شـئ يلـفت انتـباهـك لا شـئ يجـذبـك

لا شـئ تشعـر بـه لا شـئ يحـزنـك لا شـئ يغضبـك

لااااااا شـــــــــئ ••

وڪأن القلـب و العقـل تـوقفـوا عـن ڪل شـئ

العقـل رافـض التفڪير و القلـب رافـض الاحسـاس

ينتـابـك شعـور اللامبـالاه ••

لا تعـلم إن ڪنت علـى قـيد الحيـاة

أو مجـبر ع العيـش فيهـا ••

أنا عدو الأماكن المزدحمة،

والأشخاص المستهلكين،

والاجتماعات المليئة بالنفاق،

والاشخاص القاسيين،

أنا صديق البساطة،

والناس العفويين واللينين،

والضحكات الهادئة،

والعلاقات العميقة التي مستحيل ان يتغير اصحابها

أنظر إلى السماء قدر الإمكان وستصبح أفكارك مشرقة وواضحة.

تحلى بالهدوء والسكوت وستأتي السكينة إلى قلبك وستنعم روحك بالسلم والسلام…

Be First to Comment

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *